بقلم: دعاء حسن ضمد
في قلب كل أسرة، تنبض الروابط العاطفية كنبع حياة يمنح الأبناء الدفء والأمان النفسي. إلا أن التجاهل العاطفي، وهو جرح صامت لا يُرى، لكنه يترك أثراً عميقاً في نفوس الأبناء، يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي بطرق قد لا تُلاحَظ في البداية.
مفهوم التجاهل العاطفي
التجاهل العاطفي هو غياب التفاعل والدعم العاطفي من قبل الوالدين أو أفراد الأسرة تجاه الطفل، فيشعر الابن بأنه غير مرئي أو غير مهم، ما يولّد لديه شعوراً بالوحدة والانكسار النفسي.
قال تعالى:
﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...﴾ (الإسراء: 53)
فالقول الطيب والاهتمام يشعر الأبناء بقيمتهم ويبعدهم عن الظلام النفسي.
أثر التجاهل العاطفي
1. ضعف الثقة بالنفس: الطفل يتطور وهو يحتاج إلى الدعم والتشجيع ليبني شخصيته بثقة.
2. الشعور بالوحدة: يغوص الطفل في عزلته الداخلية، وقد يبحث عن تعويض عاطفي في أماكن قد تضرّه.
3. تراجع الأداء الدراسي: يؤثر التجاهل على تركيز الطفل واستعداده للتعلم.
4. مشكلات سلوكية: قد يظهر لدى الطفل سلوكيات عدوانية أو انعزالية كرد فعل على التجاهل.
حكمة الإمام علي عليه السلام
قال الإمام علي عليه السلام:
"رِعَايَةُ الولدِ أجَلُّ مِنْ تأديبِهِ"
أي أن الرعاية والحب أهم من مجرد العقاب، فالعاطفة هي الأساس في بناء الطفل.
قصة قصيرة توضيحية
كان هناك طفل يُدعى سامي، يعيش في بيت مليء بالناس لكنه يشعر بأنه وحيد، فالوالدان مشغولان دائمًا، لا يلتفتان إليه بالكلمة الطيبة أو العناق. بدأ سامي يعزل نفسه ويفقد الثقة بنفسه، حتى لاحظت معلمته تغيرًا في سلوكه وأدائه الدراسي. حينما بدأ والديه يمنحانه المزيد من الوقت والاهتمام، بدأت ابتسامته تعود تدريجيًا، وتحسنت علاقته بالآخرين وأداؤه الدراسي.
كيف نوا[ه التجاهل العاطفي؟
- التحدث مع الأبناء والاستماع لهم.
- إظهار الحب والاهتمام بالكلمة والفعل.
- توفير بيئة آمنة يشعر فيها الطفل بأنه محبوب ومقدر.
خاتمة
التجاهل العاطفي للأسرة هو جرح خفي يحتاج إلى الوعي والاهتمام لشفائه. بالحب والرعاية يمكننا بناء جيل قوي نفسيًا واجتماعيًا قادر على مواجهة تحديات الحياة.
قال تعالى:
﴿وَقَرْضٌ حَسَنٌ ۚ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (البقرة: 245)
نسأل الله أن يمنح أبنائنا قلوبًا دافئة وأسرًا محبة، ويحفظهم من كل سوء.🙏
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق